top of page

نحوُ العرفان2

Writer's picture: Ahmed MagdyAhmed Magdy




٩


- يا آدم ..لا تأكل من هذه الشجرة.

- لا سآكل.

- لماذا؟

- الرفض يجعلني إنسانًا.

- الرفض حتى مع الرب؟!

- نعم .. هو يريدني ذا إرادة لأكون إلهيًّا.


***


بعد آلاف السنين.

- يا آدم فلتأكل من هذه الشجرة.

- أي شجرة؟

- شجرة المظاهر .. التعالي .. الرغبات.

- أرجوك أعطني منها.

- بحقها.

- وما حقها؟

- أقساط وقروض.

- لك ذلك.

- وكيف تسددها؟

- أعمل.

- من الصباح لليل .. تُؤمر فتطيع .. تُستعبد فتشكر .. ترى الأحذية اللامعة فتلعقها.

- لساني منتصب من الآن.

- كذلك تصير عبدًا.

- فليكن.

- ألا تقول لا؟

- قلتها فخرجت من الجنة.

- لتكون إنسانًا.

- أريد أن أكون عبدًا في تلك الجنة .. جنة كل ما يلمع.

- أبله .. إن قلت لا هذه المرة تعود إلى الجنة.



١٠


- لماذا خلقنا الله أيها العارف؟

- لهذا السؤال وجهان .. أما الأول فهو عن الدافع الذي جعل الله يخلقنا .. والثاني فهو عن المعنى الذي خُلقنا لتحقيقه.

- إذن وضح لي الوجهين.

- أما عن الوجه الأول .. فالله أحد .. والأحد كامل .. هو وحده ولا شيء معه .. ونحن تجلياته .. ولأنه كامل فتجلياته من كماله .. فإن كان هو المطلق وتجلياته النسبي .. وإن كان هو الثابت وتجلياته التغير .. وإن كان هو الأحد وتجلياته التعدد .. فإن الوجود يكتمل بذلك الجسر من النسبي للمطلق .. ومن المتغير للثابت .. ومن التعدد للوحدة .. فكان الجسر هو الإنسان.

- ولماذا الإنسان هو الجسر؟

- لأنه ذو الإرادة القادر على الترقي بالعرفان نحو الله .. فيأخذ التجليات من التعدد إلى الوحدة فيكون الوجود الواحد.

- إذن للإنسان قيمة.

- هو الجامع لشتات الكون .. هو الحبل المتين الذي يوحد التجليات في الواحد.

- كم يبخس الإنسان نفسه عندما يركن إلى الزيف والضعف .. لقد حمل الأمانة ولكنه ينساها لأجل كسرة خبر وبعض الأحجار ولمع المعادن.

- وهذا هو الوجه الثاني.

- حدثني عنه.

- أما المعنى الذي خُلق له الإنسان فهو تحرير حقيقته من قبضة زيفه حتى يحرر كل الوجود فيأخذه من التعدد للوحدة.

- ولماذا وقع في قبضة زيفه؟

- خُلق الإنسان ضعيفًا.

- ولماذا خلقه ضعيفًا؟

- كي يكمل بإرادته فيصنع بيده ألوهيته.

- أيصير إلهًا؟

- وإلى الله تصير الأمور.



١١


- من أين يبدأ الطريق إلى الله أيها العارف؟

- ومن أين تبدأ الدائرة؟

- ليس لها بداية.

- كذلك الطريق إلى الله .. فكل نقطة أنت فيها هي بداية ونهاية تبدأ عندها بداية.

- يا إلهي! .. كيف ذلك؟

- أنت روح الله فأنت كامل .. حيثما تكن يكن كمالك .. لكن الزيف يحيط شعلة كمالك فيسود الظلام ويعمى البصر .. وطالما رأيت الظلام أضواءً فأنت في عمى الزيف .. فإن أبصرت ظلامك بدأ الطريق.

- وكيف تكون البداية هي النهاية؟

- إن أبصرت ظلامك أيقنت أن كمالك معك .. ومادمت كاملًا فقد وصلت للنهاية.

- وكيف تكون النهاية نقطة بداية جديدة؟

- عندما تدرك كمالك تبدأ في البحث عنه .. عن الحقيقة.

- وهل أصل؟

- كلما وصلت وجدت مزيدًا.

- إلى متى؟

- إلى الأبد.

- ولكن .. أما من وصول؟

- وفيم الوصول .. الحقيقة سرمدية .. تكون فيها بلا امتلاك أو إحاطة .. في كل خطوة تكشف وجهًا لها .. ووجهها بلا حد.

- إذن هي المعركة.

- بين الحقيقة والزيف.

- وكلاهما بي.

- بل وكلاهما أنت.

- فكيف أنزع غطاء زيفي عن شعلة حقيقتي؟

- أن تقبل الزيف وتعلم أنه أنت .. وأن تخدم الحقيقة.

- وكيف أخدمها؟

- بالتسليم.

- كيف؟

- الحرية .. والحب .. والجمال.



١٢


- انظر .. امرأة مثيرة.

- مممم .. لا أشعر بإثارة.

- كيف يا رجل؟ .. أتجري في عروقك دماء أم ماء؟

- ولماذا لابد أن أشعر بإثارة من رؤيتها؟

- ألا ترى؟ .. إنها تكشف أكثر مما تغطّي .. وما غطّته كشفته بما يضيق وينحني ويميّز.

- لعلك ترى ذلك تبرّجًا.

- إن لم يكن ذلك تبرّجًا فما التبرج؟

- في الرجل أم المرأة؟

- يا رجل .. ألا تختص المرأة وحدها بالتبرج؟

- التبرج هو زيف المظهر بقصد إظهار المفاتن لجذب الأنظار وإثارة الغرائز.

- فكيف يكون في المرأة؟

- إن كشفت لتعرض أو غطت لتُشَوّق.

- كيف تغطي لتشوّق؟

- أن تنادي بغطائها: يا باغي المخفي هلمّ .. ألم تر مَن تخَفّت إلا من عينين داعيتين.

- وصاحبتنا تلك .. ألم تكشف لتعرض؟

- ليست منهن .. إنما تلك طبيعتها.

- وكيف يكون التبرج في الرجال؟

- زائف يرى قيمته في مظهره فهو الشباك التي تصيد ضحاياه.

- من النساء؟

- بل من كل من يغتر بمظهره.

- إذن من تثيرك من النساء؟

- من كانت عيناها بيت الجن .. ولسانها بيت الحكمة .. وجسدها ابن الطبيعة .. وثيابها من قماش البراءة .. وزينتها رقة الأنثى.

- أين الإثارة فيما قلت؟

- يا زائف .. ليس أكثر إثارة من الحقيقة.

5 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments


bottom of page